فوضى الاعتزال الدولي ·· إلى أين؟

خسرت الكرة الإماراتية في الأشهر الأخيرة العديد من اللاعبين أصحاب الخبرة والتجربة الكبيرتين بسبب إعلانهم اعتزال اللعب دولياً وإنهاء مشوارهم مع المنتخب الأول.

وتحول الاعتزال إلى ظاهرة سلبية في الفترة الأخيرة، بعد تزايد الحالات المسجلة دون أسباب مقنعة، خاصة أن عدداً من هؤلاء اللاعبين لا يزالون في عز عطائهم، وأمامهم فترة طويلة للتوقف عن إفادة المنتخب وتقديم الإضافة المرجوة.

بدأت الظاهرة بعبدالسلام جمعة ومعتز عبدالله ثم محمد عمر وسعيد الكاس وراشد عبدالرحمن، إلى بشير سعيد، الذي فاجأ الجميع بقراره منذ أيام قليلة.

وما يثير الاستغراب استمرار مشاركة هؤلاء المعتزلين مع أنديتهم، بل وتألقهم في المسابقات المحلية، الأمر الذي يطرح العديد من علامات الاستفهام حول الأسباب الحقيقية للاعتزال.

واتفقت أغلب الآراء على أن الاعتزال عبارة عن ردة فعل، لا أكثر ولا أقل، أو قرار انفعالي على مخلفات حادثة معينة تجاه الجهاز الفني أو الإداري أو الشارع الرياضي، وبالتالي فإن الأمر يستوجب تدخل اتحاد الكرة لدراسة الموضوع وإيجاد آلية دقيقة تنظم اعتزال اللاعبين الدوليين حتى لا يتضرر المنتخب من ابتعاد لاعبين مميزين يمكن أن يخدموا الكرة الإماراتية ويساهموا في مد يد المساعدة إلى بقية اللاعبين الشباب خاصة في ظل القاعدة المحدودة لاختيار اللاعبين بالدولة.

لوائح لتنظيم الاعتزال

أمام تكرار حالات الاعتزال داخل صفوف لاعبينا الدوليين بالمنتخب الأول وتحولها إلى ظاهرة سلبية، قال يوسف عبدالله الأمين العام لاتحاد الكرة: ''الظاهرة تحتاج إلى دراسة لوضع ضوابط ولوائح تنظم الموضوع وتحدد آلية لقبول اعتزال اللاعبين الدوليين، لأن عدداً كبيراً من هذه الحالات تمكن مراجعتها، خاصة أنها قرارات فردية''.

وأضاف: ''يجب أن يكون لاتحاد الكرة دور في تنظيم هذه الظاهرة من خلال تولي اللجنة الفنية دراسة القرارات مع اللاعبين والتعرف على الأسباب الحقيقية التي تحول دون إكمال لاعب دولي لمسيرته مع المنتخب''.

وأوضح: ''الاتحاد سيطلع على تجارب خارجية سواء من دول المنطقة أو بعض الاتحادات الأخرى للتعرف على عملية تنظيم الاعتزال حتى تتم صياغة نظام دقيق''.

وبخصوص تسرع بعض اللاعبين في إعلان قرار اعتزالهم، أوضح يوسف عبدالله: ''بعض اللاعبين يتخذون القرار كردة فعل، الأمر الذي يجعل الأسباب المعلنة غير منطقية وغير مقنعة، لأن أي لاعب بإمكانه الاعتذار لفترة معينة بسبب ظروف مختلفة، إلا أنه يبقى على ذمة المنتخب في حال طلبه من قبل الجهاز الفني للمنتخب بناء على ما يقدمه مع فريقه في الدوري''.

وتطرق يوسف عبدالله إلى حالة محمد عمر الذي اعتزل اللعب دولياً، حيث قال: ''محمد عمر يقدم أفضل عروضه مع النصر حالياً ويعتبر من أفضل المهاجمين بالدولة، سواء بين الأجانب أو المواطنين، وبالتالي فإن الموضوع يحتاج إلى إعادة نظر طالما أن المنتخب بحاجة إلى هذا اللاعب حتى يستفيد منه في هذه الفترة، وبالتالي إذا تم استدعاؤه من قبل الجهاز الفني فإنه مطالب بتلبية الدعوة لخدمة منتخب بلاده''.

أما بخصوص اعتزال بشير سعيد، فقال: ''اللاعب لم يخطرنا بقراره ولا نعلم أي شيء عن ذلك، كما أن المدرب لم يطلبه للانضمام إلى المنتخب حتى تتم مناقشة الموضوع، وبالتالي تجب دراسة القرار بدقة من قبل اللجنة الفنية وتحديد موقف اتحاد الكرة''. واعتبر الأمين العام لاتحاد الكرة أنه على لاعبي المنتخب الدوليين تفادي اتخاذ القرارات المهمة نتيجة ردة فعل، لأن تراجع المستوى أو التعرض للانتقادات لا تنقص من قيمة اللاعبين الدوليين.

أسباب غير مقنعة

قال عبدالقادر حسن المدير التنفيذي بنادي الشباب: ''حالات الاعتزال المسجلة في الفترة الأخيرة عبارة عن ردود أفعال تجاه أسباب مختلفة مثل انتقادات جماهيرية لتذبذب المستوى أو لاختيارات الجهاز الفني أوتأثر بالوضع السلبي والضغوطات الإعلامية، وبالتالي لا توجد أسباب وجيهة ومقنعة، خاصة أن أغلب هؤلاء اللاعبين صغار السن، وأمامهم سنوات أخرى من اللعب بالأندية والمنتخب''.

وأضاف: ''القرار يتخذ بصفة فردية، ولا يتم التشاور بين اللاعب ومسؤولي النادي، لأن الأندية تنصح لاعبيها بالتواجد مع المنتخبات والاستفادة من المشاركات الدولية واكتساب الخبرة والشهرة، وبالتالي إفادة فرقها وارتفاع أسعارهم، والنادي المميز حالياً هو الذي يملك أكثر لاعبين دوليين''.

وقال أيضاً: ''طالما أن اللاعب يلعب مع ناديه وقادر على العطاء، فإن المنتخب بحاجة إليه، لأنه واجب وطني لخدمة كرة القدم، خاصة في ظل صغر القاعدة التي نلمكها لاختيار اللاعبين للمنتخبات''.

ورفض عبدالقادر حسن فكرة إيجاد لوائح ونظم لتحديد عملية اعتزال اللاعبين دولياً، مشيراً إلى أن هذا الإجراء يفح الباب أمام تزايد الحالات في المستقبل.

ودعا إلى معالجة الظاهرة بأساليب دقيقة، حيث يمكن إعفاء لاعب دولي لفترة معينة بسبب ظروف تتم دراستها من قبل اللجنة الفنية، على أن يبقى قرار الاعتزال بيد القائمين على المنتخب في الاستفادة من العناصر التي بإمكانها خدمة كرة الإمارات.

قرارات فردية

أوضح إسماعيل راشد مدير المنتخب الأول أن الجهاز الإداري للمنتخب لا يعرف الأسباب الحقيقية لاعتزال اللاعبين ولا يتم التشاور معه أو أخطاره بمثل هذه القرارات، وأكبر دليل على ذلك سماع خبر اعتزال بشير سعيد من وسائل الإعلام فقط دون أخطار مباشر من اللاعب.

وأضاف: ''اتحاد الكرة المسؤول عن اللاعبين سواء مع أنديتهم أو المنتخبات، وبالتالي لابد من وجود تنسيق مسبق لمناقشة القرار واتخاذ القرار المناسب، والذي لا يضر بمصلحة كرة الإمارات في حال قدرة اللاعب على تقديم الإضافة لمنتخب بلده''.

وعن الأسباب الحقيقية للاعتزالات المسجلة أخيراً قال: ''أغلب الأسباب غير مقنعة، لأن اللاعب يحدد موقفه على نطاق ضيق ولا يستشير المسؤولين المعنيين والذين بإمكانهم إفادته ونصحه، معتبراً أن أغلب الحالات مردها نظرة ضيقة، لأن اللاعب الذي يتعرض لانتقادات بسبب تراجع مستواه أو الذي لم يتم ضمه في مباراة معينة إلى القائمة، عليه أن يثبت العكس للجميع، وأن يستعيد مستواه ويقدم أفضل ما عنده حتى ينال ثقة الجهاز الفني ويعود بقوة''.

وبخصوص حالة بشير سعيد قال: ''على اللاعب أن يراجع نفسه ولا يبني مستقبله الكروي على قرار انفعالي متسرع، لأنه لا يزال قادراً على إفادة المنتخب وتقديم مواسم أخرى''.

وطالب كل اللاعبين الدوليين بضرورة أخذ فرصتهم كاملة في اللعب وتفادي القرارات الصادرة عن ردود فعل، مشيراً إلى أن ظاهرة الاعتزال الدولي ليست قراراً فردياً يخص اللاعب، وإنما هناك مصلحة عامة تجب مراعاتها. وأضاف: ''أغلب اللاعبين المعتزلين صغار السن وبإمكانهم مواصلة اللعب، خاصة أنهم يلعبون مع أنديتهم، وبالتالي يجب تنظيم العملية وعدم تركها بيد اللاعب وحده تفادياً للقرارات الانفعالية وسعياً للحفاظ على عناصرنا الدولية أصحاب الخبرة والتجربة الكبيرة''.

اللائحة رقم 90

دبي (الاتحاد) - أصدرت لجنة المنتخبات في أواخر التسعينيات وإبان رئاسة سمو الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان وزير الخارجية لاتحاد الكرة لائحة لتنظيم اعتزال اللاعبين الدوليين. وكانت اللجنة تجتمع مع اللاعب المعتزل لمناقشة أسباب اتخاذه القرار، حفاظاً على مصلحة المنتخب وحرصاً على الاستماع الى وجهات نظر اللاعبين والاطلاع على ظروفهم والأسباب الحقيقية التي دفعتهم لاتخاذ هذا القرار.

وصدرت هذه اللائحة رقم 90 في أواخر التسعينات، الا ان اللجان الفنية التي تعاقبت على إدارة شؤون المنتخبات لم تتطرق الى هذه اللائحة، ولعل الظروف الحالية تعيد هذه اللائحة الى دائرة الضوء من جديد خلال الفترة المقبلة من أجل اعتمادها ضمن اللوائح المحددة لتنظيم عمل المنتخبات الوطنية وتحديد علاقتها باللاعبين الدوليين.

بشير سعيد:

اتخذت قراري بعد طول

تفكير ولن أتراجع

دبي (الاتحاد) - يعتبر بشير سعيد لاعب الوحدة والمنتخب الوطني الأول آخر اللاعبين الدوليين الذين أعلنوا اعتزالهم اللعب دولياً، حيث فاجأ الجميع بقرار إنهاء مشواره مع الأبيض، خاصة أن عمره لا يتجاوز 27 عاماً ولا يزال في أوج العطاء.

وعن سبب اتخاذه لهذا القرار قال: ''اتخذت قراري بعد طول تفكير ودراسة لمدى قدرتي على تقديم الإضافة للمنتخب في المرحلة المقبلة، حيث تأكدت أنني قدمت كل ما أملك للمنتخب''.

وأضاف: ''مباراة إيران كشفت وجود نخبة من اللاعبين المميزين الذين بامكانهم تقديم المستوى المطلوب أفضل من بشير سعيد في خط الدفاع، وبالتالي فضلت منحهم الفرصة للعب وترك المجال لنخبة من العناصر الشابة حتى تقوم بالمهمة أفضل مني''.

وعن إمكانية تراجعه عن القرار قال: ''أرجو أن يتفهم الجميع قراري، لأنني درسته جيداً ولانية للتراجع عنه في الفترة المقبلة، وأتمنى حظاً أوفر لزملائي في المستقبل، خاصة أن مباراة إيران كشفت قدرة الأبيض على تحقيق المستوى اللائق والأداء المشرف''.

منتخب المعتزلين

دبي (الاتحاد) - يضم منتخب المعتزلين ستة لاعبين بارزين قرروا إنهاء مشوارهم مع الأبيض بعد كأس الخليج، وهم: الحارس معتز عبدالله، والمدافعان راشد عبدالرحمن وبشير سعيد، ولاعب الارتكاز عبدالسلام جمعة، والمهاجمان محمد عمر وسعيد الكأس، واللافت أن أغلب هؤلاء اللاعبين أساسيون مع أنديتهم ويقدمون أفضل مستوياتهم في الدوري
يصدر>جريدة الاتحاد<